December 14, 2012, 1:57 pm
أكدت التجارب الأممية بأن السلام لا يمكن أن يمر ويتحقق ما لم يجر تفاهم وتعاون ايجابي بين المكونات لأي شعب من الشعوب وخاصة في المناطق التي تعاني من النزاعات التي جاءت نتاجاً لأجندة خارجية وذات أهداف محددة وسيناريوهات لخلق الفوضى الخلاقة كجسر لإمرارها وبالتالي تحقيق تلكَ الأهداف... مدينة الموصل وبعد الأحداث التي مرت بها طيلة السنوات الماضية من أزمات واختناق مستديم وخاصة في أطار العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والتعاونية على الرغم مما تمتلكه من نسيج قومي وعقائدي كبير يشكل خزيناً هائلاً قادراً في حالة استغلالهِ بعقلانية وفق خطط قصيرة أو طويلة الأمد لتنقله من خانة الطائفية والنزاعات العرقية والمذهبية إلى خانة العقلانية والاعتراف بالأخر كشريك له ما لكَ من حقوقٍ وواجبات.
ومن هنا أتتْ فكرة منظمات المجتمع المدني والإعلاميين العاملين في مدينة الموصل بالتحديد على العمل من اجل بلورة مفهوم السلام وهي إحدى ثمار الحضارة الإنسانية وما أطلق عليه (توكفيل)فن الارتباط أي هو نتيجة للممارسة الحديثة المتمثلة في تعاون أفراد مع أفراد آخرين لا يعرفونهم من أجل تحقيق أهدافهم سواءً على المستوى المحلي أو بالعلاقات مع منظمات أخرى على النطاق الدولي.
ولذا وانطلاقاً من هذا المفهوم يمكن القول بأن المجتمع المدني هو كل المؤسسات الحرة القائمة بين الفرد والدولة كالعلاقة القائمة بين الأسرة والمؤسسات الدينية كالمساجد والكنائس والنوادي الرياضية والفنية وصولاً إلى المؤسسات الخيرية فالمنظمات غير الحكومية هي مجموعة من الأشخاص سجلت واكتسبت الشخصية المعنوية تسعى لتحقيق أغراض غير ربحية وتعمل الدول ذات الطبيعة الديمقراطية والتي تؤمن بحرية الفرد فقد اعتمدت على قواعد دستورية في مجال الحقوق المدنية والسياسية فقالت أن المواطنون متساوون أمام القانون وبدون تمييز جنسي أو عرقي أو قومي وصولاً إلى الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي مروراً بالمعتقد أو الرأي.
كل هذا كان سبباً لأجراء تقريراً صحفياً تفصيلياً عن منطقة السادة وبعويزة والتعمق كثيراً في بعض المسائل التي تخفى على الكثيرين فمن المعروف أن هذه المنطقة هي منطقة متعددة فيها القوميات والطوائف وهي من المناطق المتنازع عليها.
والذي استثارَ التساؤلات عندي أكثر وأكثر هو كلام أحد المواطنين الذي يمتلك قطعة أرض سكنية في المنطقة المذكورة أنافاً.
قال أبو علاء: "منعتني قوات من البيشمركة المتواجدة في المنطقة من إكمال عملية البناء".
وأضاف أبو علاء: "أن الأرض السكنية التي كنتُ أرغبُ في بناءها تعود لي".
وأضافَ أيضاً: "لأني من العرب السنة منعت وتم إبلاغي أنه سيتعامل مع بعنف في المرة المقبلة".
وأشار قائلاً أني تركت البناء لخوفي على نفسي وعلى أولادي.
وبعد سماعي لكلام أبو علاء ذهبت إلى المنطقة المذكورة وبدأت بإجراء حوارات مع الأهالي للتحقق من هذا الأمر.
لأفاجأ برواية أبو حسين حيث قال: "قامت قوات من الجيش العراقي متواجدة في المنطقة بهدم الأساسات التي شيدتها حديثاً".
وأضاف أبو حسين: "لأني لست من سكان المنطقة ومن أصول كردية تم التعامل معي بهذه القسوة".
مبدياً في الوقت نفسه استغرابه من هذا العمل وماهية أسباب قدوم هذه الجهة بالتحديد على هذا الفعل".
وأشار أبو حسين في نهاية حديثه على ضرورة حل الأزمة في وقت سريع مناشداً كافة طوائف وقوميات الشعب العراقي بالتخلص من هذه الأفكار التي ليس منها إلا تفتيت الحمية العراقية.
وأبدى أهالي منطقة سادة وبعويزة استيائهم من الأفعال التي تقوم بها القوات الأمنية من كلام الطرفين.
وأكد الأهالي على ضرورة الكف عن النزاع والتأكيد على وحدة جميع الطوائف وأنه عراقي بعيداً عن التقسيم العرقي والطائفي.
وطالبوا من الحكومة المحلية التحرك وعلى الفور لحل المشاكل العالقة في المنطقة وخصوصاً أنهم يعانون الأمرين من عدم توفر أي خدمات بسبب النزاع الحاصل في المنطقة.
وبدورنا توجهنا إلى أحد المسؤولين في الحكومة المحلية.
حيثُ أرجى سبب النزاعات في منطقة السادة وبعويزة إلى سيطرة بعض الجهات على المنطقة ونشوب صراعات بين الحين والحين مع قوى الجيش المتواجدة في المنطقة نفسها.
وأضافَ قائلاً إلى أن التنوع الديمغرافي أدى إلى نشوب هذا الصراع.
معرباً في الوقت نفسه عن أسفهِ الشديد تجاه ما يحصل في منطقة السادة وبعويزة، وخصوصاً أن المنطقة تابعة إدارياً لمحافظة نينوى.
وختم حديثه بأن التغير الذي حصل بعد السقوط وضع الأجهزة الأمنية في المنطقة أدى لنشوب هذه الصراعات.
وبدورنا قمنا بزيارة دائرة بلديات نينوى للاطلاع على الحدود الإدارية لمحافظة نينوى.
حيث ساعدنا أحد موظفي البلدية وأطلعنا على الخرائط التي أكدت كلام المسؤولين أن منطقة السادة وبعويزة تابعة لمحافظة نينوى.
وإن الوثائق والأدلة كلها تشير إلى أن منطقة سادة وبعويزة عائدة إدارياً لمحافظة نينوى.
وتفاجأنا بأنه قد تم توزيع أراضي لموظفي محافظة نينوى من دوائر الكهرباء والتعليم التقني والتربية في المنطقة أنفة الذكر وأن أصحاب الأراضي منعوا من البناء أو حتى بيع الأرض.
حيث حدثنا أحد منتسبِ مديرية تربية نينوى قائلاً لم يسمح لي حتى إلقاء نظرة على قطعة الأرض التي تعود لي والتي قد استلمتها من الحكومة.
وأضاف أنه مستاء من الحال الذي آلَ إليه الوضع بالعراق وخصوصاً المناطق المتنازع عليها.
وأكد أنه لم يكن احد يعرف هذه المسميات من مناطق متنازع عليها أو ماشاكل ذلك.
وقال أيضاً أن العراق موحد ويجب علينا نحن العراقيين الصحوة من غفوتنا وأننا لا نقدر أن نتطور بدون السلام ونبذ العنف والصراعات فيما بيننا.
وباختصار فإن الطريق لبناء السلام يحتاج إلى زمن ووعي للشعور بأهميته، وبناء الروابط والاهتمامات المشتركة التي نتقاسمُها مع الآخرين وفي حالة تحقيق ذلك سنجد المجتمع قوة فاعلة في إطار تنظيم الحياة وتطويرها على الطرق الحضارية.
فمفهوم السلام: إذا هو ذلك الارتباط الوثيق الذي يخرجُ بعيداً عن الطائفية والعنصرية لأي جهةٍ كانت وإحقاق الحق للوصول إلى عيش رغيد يسوده المحبة والوئام.
الكاتب: ضيف يزن
|