أوصت دراسة تقدمت بها باحثة في دار ثقافة الأطفال بضرورة حماية الأطفال من قسوة الحرب من خلال التعاون بين البيت والمدرسة في نشر مشاعر المودة والحب والتسامح ونبذ العنف، وتنظيم نشاطات لا منهجية للأطفال في المدارس لتفريغ طاقاتهم المخزونة للحدّ من ظاهرة العنف لديهم.
ودعت الباحثة في دار ثقافة الأطفال بوزارة الثقافة رشا إسماعيل في بحثها الموسوم "الحرب وأثرها في تغيير سلوك الطفل العراقي"، أجهزة الدولة للعمل الجاد من أجل إرساء مبادئ حقوق الإنسان واحترامها وبالأخص للأطفال، وذلك بتوفير الحياة الكريمة، وضمان حقوق الأطفال التي نصت عليها المواثيق الدولية والتي وقع عليها العراق.
وقالت الباحثة إسماعيل منذ نشأة الحياة والحرب سجال بين البشر، لقد صاحبت الحرب الإنسان في مسيرته عبر القرون، وحَفل سجل البشرية بالحروب والصراعات، حتى أصبحت الحرب سمة من أبرز سمات التاريخ الإنساني، وبدت صفحات ذلك التاريخ مؤلمة لتبرهن على تلك الأهوال والفضائع التي جرتها الحروب على بني الإنسان.
وأضافت إسماعيل إنّ الحرب تؤثر في نفسية الأطفال فتزرع العنف والعدوانية داخلهم، وتنشر ثقافة الخوف والقلق مما قد يعطل الأجيال التي تعاصر الحروب عن التواصل مع الحياة بشكل جيد، وقد يمتد التأثير لبقية حياتهم.
وبيّنت الباحثة إنّ العراق مرَ بعدّة حروب خلال العقود الثلاثة الماضية، منها الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، حرب الخليج الأولى عام1991، وأخيراً الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وقد تخلل الفترة الممتدة مابين الحربين المذكورتين، حرب ثالثة طويلة الأمد أكثر مما ينبغي سميت بحرب العقوبات، تمثلت في الحصار الكامل الذي فرضته الأسرة الدولية على العراق، فحرمت الأطفال من أبسط أسباب الحياة والتقدم، وكان تأثيرها المدمر ظاهراً على العراق عامة بكلّ مكوناته وعلى الأطفال بصورة خاصة، وهؤلاء كانوا الفئة الأكثر تضرراً وتعرضاً للإساءة والعنف والإهمال بسبب ما أفرزته العقوبات والحروب من ضغوط ومآسي نفسية واجتماعية وتربوية وصحية، أثرت بشكل كبير على سلوكية الطفل العراقي .
وأشارت الباحثة في دار ثقافة الأطفال إلى أن سلوكية الطفل في العراق تعرضت إلى أبشع الانتهاكات، إذ أن الأطفال يعيشون مشاركين عوائلهم المعاناة تحت وطأة الحروب والنزاعات الطائفية، مما يعرضهم إلى القتل والإصابة بالإعاقات الجسدية، فضلاً على الاضطرابات النفسية بسبب الخوف والفزع والرعب الذي يعيشوه يومياً، فالأطفال في العراق كانوا ومازالوا يدفعون ثمن الحروب المدمرة وثمن الصراعات غالياً .
وأوضحت إسماعيل إنّ مشاعر الخوف والرعب التي يختزنها الطفل غالباً ما تظهر أثناء اللعب أو الرسم، إذ أنه يرسم مشاهد من الحرب كأشخاص يتقاتلون أو يتعرضون إلى الموت والإصابات وأدوات عنيفة أو طائرات مقاتلة وقنابل ومنازل تحترق، ويميلون إلى اللعب بالمسدسات واقتناء السيارات والطائرات الحربية، إذ يجدون في ألعاب العنف هذه خير ملاذ للتعبير الحي عن انعكاسات تلك المظاهر>
الكاتب: جاسم حيدر
|