تزايدت وتيرة التنافس القائم بين محال "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية في الموصل ، حيث شهدت الفترة الماضية حرباً باردة وحالة من الصراع والتنافس بين الفريقين ، وذلك بهدف الفوز بأكبر حصة من كعكة المرتادين والزوار وتحقيق أعلى نسبة حضور
. ففي الوقت الذي استطاع فيه "الكوفي شوب"، بخدماته الراقية وديكوراته الأنيقة والمتنوعة، إغراء شريحة من الشباب لإدمان ارتياده بغية الترفية، تمكنت المقاهي الشعبية بطابعها البسيط وأجوائها الحميمية من لفت أنظار شريحة أخرى ارتأت المقهى مسرحاً مسائياً للترويح عن نفسها والخروج من روتين الحياة اليومية. وبالرغم من مرور المقاهي الشعبية بمرحلة سبات، واندثار مقاهي شهيرة كانت لها حضورا واسعاقبل أكثر من " 25 " عاما جراء زحف "الكوفي شوب" وانتشاره،
إلا أنها عادت وبقوة ممثلة في المقاهي الشعبية الموصلية ، ولتدخل مدينة الموصل في حالة من الانقسام والتنافس بين محال تكسوها ملامح الرفاهية وأخرى تتعمد التواضع ولا نية لديها للحاق بنصفها الآخر,
.بين مشاهدةالايباد ومتابعة السوشل ميديا..
ضاعت الدومينو: وفي أحد محال "الكوفي شوب" بشارع حي السكر في الموصل ، يرتسم مشهد لكرة بلياردو تتدحرج بين أيدي مجموعة من الشباب يرتدون ملابس رياضية، بينما يجلس شبان يلعبون البلاي ستيشن، ويتصفح آخرون أجهزة "اللاب توب" و"الآيباد" ويتبادلون مقاطع الفيديو لمقاطع تحرير الجانب الايمن ،
وتحت ديكور زاهي الألوان أنيق التصميم يجتمع شبان آخرون أمام شاشة بلازما ضخمة لمشاهدة مباراة لكرة القدم. وعلى الرصيف المقابل ينعكس المشهد ذاته، حيث يتقاسم رجال من أعمار مختلفة ومستويات اجتماعية متباينة طاولات أحد المقاهي الشعبية التي يملأ ضجيجها أرجاء المكان،
بينما يحلّق بعض مرتادي المقهى في أجواء حميمية على إيقاع لعب الورق والدومينو والطاولي ، ينشغل آخرون باحتساء الشاي والحامض ، منخرطون في حوارات اختلطت حروفها بدخان الاركيلة والمعسل. ورغم تناقض المشهدين يبقى القاسم المشترك بينهما تلك الأحاديث المتناثرة من فضاءات هذه المقاهي والتي ترسم مع كل تفاصيل أجوائها الصورة الخلفية للأحداث الجارية في مدينة الموصل سواء كانت سياسية او عسكرية او رياضية أو اجتماعية أو ثقافية، فيما تحولت مقاهي أخرى إلى مقر لعقد اللقاءات والحوارات الثقافية والادبية والشعرية والموسيقية. ميول ودوافع وأسباب: وتتباين دوافع وأسباب رواد "الكوفي شوب" والمقاهي الشعبية كل حسب ميوله واهتماماته، فبينما تجذب الأولى المهتمين بالجانب الترفيهي والخدمي والهدوء، تلفت الثانية نظر الباحثين عن الطقوس المتوارثة والأصيلة والأماكن التقليدية,
. يقول عمر ربيع (طالب جامعي) إنه يفضل وزملاؤه ارتياد "الكوفي شوب"، مشيراً إلى أن الأجواء التي تكسو تلك الأماكن تساعده على قضاء ساعات طويلة للاستذكار وتصفح الانترنت بعيداً عن الإزعاج.
مضيفا ان الكوفي شوب يمتاز بتقديم أجود أنواع المشروبات والخدمات الترفيهية، خصوصا مشاهدة العديد من المباريات المحلية والدولية ، وهو ما يكاد يكون معدوماً في المقاهي الشعبية
. من جهته، قال صميم ابراهيم وهو (موظف حكومي) إنه يفضل ارتياد المقاهي الشعبية لما فيها من أجواء تذكره بأيام دراسته الجامعية ،
مبينا غناء أم كلثوم وأجواء الألفة والفكاهة السائدة بين رواد القهوة والألعاب الشعبية كلها تفاصيل ونكهات تنعدم في "الكوفي شوب" ذي الطابع الهادئ الممل ، وتابع ، نحن نبحث عن طقس متوارث وأصيل نخرج به من روتين الحياة اليومية وهذا لن نجده إلا هنا.
الكاتب: الموصل /احمد العكيلي
|