ساعات تجهيز التيار الكهربائي في محافظة نينوى بلغت هذا اليوم 23 ساعة ونصف
وضع حجر الأساس لمشروع مجاري الموصل الأيمن الكبير
مرور نينوى تستقبل مراجعيها في بداية العام المقبل
وقفة تضامنية للمطالبة بعدم استقالة زهير الاعرجي من منصبه
التصويت
هل سيتم عقد اجتماع اختيار رئيس الجمهورية


الاعلانات

جريدة صدى الموصل

حالة الطقس
حالة الطقس
شاركنا

تابعونا
حالة الطقـس
دليل المواقع

مديرية المرور العامة 

المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 

   وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

وزارة التربية  

وزارة الصحة 

مركز الأخبار / تقارير / ديسفيرال.. وجعٌ داخل وجعْ.. رواية للروائي العراقي نوزت شمدين


ديسفيرال.. وجعٌ داخل وجعْ.. رواية للروائي العراقي نوزت شمدين
March 2, 2021, 6:23 pm

هو العاشق لمدينته المتيم بأزقتها فنراه يثور في روايته السابقة "قادمون ياعتيق" وهو يحمل شظايا مدينته مع فيروز في "شظايا فيروز" ويسقط إلى الأعلى في "سقوط سرداب"، لكنه اختار في روايته الأخيرة "ديسفيرال" أن يتحدث عن وجع إنساني وما يصيب الأطفال من ألم جراء إصابتهم بمرض وراثي ليس لهم دخل فيه، محاولاً تسليط الضوء على المشكلات وإيجاد أمل، لكنه مع كل هذا لم يغادر مدينته التي أحبها حد الوجع وهي "الموصل"، التي غادرتُها وغادرها أخذين من الغربة وطنناً قد يطول.. حاورته عبر الأثير.. موصلاً مجموعة رسائل ومجيباً هو عن خفايا روايته المختلفة عن سابقاتها في المضمون والسرد..

ديسفيرال لماذا هذا الاسم عنوانا للروايتك؟

- ديسفيرال، أسم تجاري، لدواء يُعطى لمرضى الثلاسيميا. وهو أكثر شيء يكرهونه في حياتهم القصيرة الموجعة بكل تفاصيلها. لأنه يحلل بالماء ويوضع في جهاز ألكتروني صغير يرافقهم أينما تحركوا داخل المنزل ويمتد منه أنبوب مطاطي ينتهي بإبرة تغرس في جلد بطونهم. وتظل هناك بين 10-12 ساعة، لخمسة أو ستة أيام في الأسبوع. الدواء يسحب الحديد المتراكم من الجسم بفعل تكرار عمليات التزود بالدم والتي تجري مرة و مرتين شهرياً. لذا فان عدم أخذه يعني تكدس الحديد في القلوب والأكباد وغيرها من الأعضاء الداخلية، فتتضخم ويموت المريض. تم تداول دواء  خلال السنوات الأخيرة، يؤخذ بالفم، لكنه لا يتوافق مع بعض المرضى، فيضطرون للعودة والإستسلام لإبرة الديسفيرال.   

لذا ونظراً لأهمية هذا الدواء في حياة هؤلاء الشجعان، قررت أن يكون عنواناً للرواية. فقد شعرت بمسؤولية الصحفي القابع في داخلي وأن علي بالدرجة الأساس إيصال أصوات مرضى الثلاسيميا المنسيين في العراق وغيرها من المناطق التي تشهد نزاعات ويتفشى فيه الفساد كالوباء. ومن يدري، فقد يحصلون على عون من جهة ما. وهذا سر تجنبي اختيار عنواناً أدبياً للرواية.

نجد أنك تسهب في ذكر أسماء نساء موصليات شبه منقرضة بل وتركز على أن ينتبه عليهن القارىء؟

- أنا محكوم بذاكرة المكان وهذه هي أسماء امهاتنا وعماتنا وخالاتنا ولا أعتقد بأنها ستنقرض على المدى القريب، فإن ذهبنا إلى أي من الأحياء الشعبية في الموصل سنجد الكثيرات يحملن ذات الأسماء. فهي تشكل خصوصية لدى الفرد الموصلي العاشق لماضيه الذي وللأسف الشديد أفضل من حاضره دائماً.

من جانب آخر، أهتم كثيراً بتضمين أعمالي رسائل للأجيال المقبلة. ومرد ذلك، فقداني الثقة بالمؤرخين، لأنني أرى بأن غالبيتهم الساحقة غير حياديين ويغفلون عن عمد ذكر وقائع معينة لأنها لا تتوافق مع أفكارهم أو قد تسبب لهم بمشاكل أمنية او قبلية أو إجتماعية.  وهذا هو السر وراء أننا لا نجد إجابات عن أسئلة كثيرة تراودنا، تتعلق بقضايا وأحداث وقعت قبل عقود. ولن أقول قبل قرون !.

ما هو الهدف وراء إبراز دور العشيرة، بشكل قد يجده البعض مبالغاً فيه؟ وهل حكم العشيرة يفوق القانون في العراق اليوم؟

- يبرز دور العشيرة كلما ضعف دور الدولة. في كثير من أنحاء البلاد، شيخ العشيرة أو أبنه أو شقيقه يدخلون الانتخابات المحلية والبرلمانية ويحصلون على المقاعد. كما أنهم يتصارعون باستمرار من أجل المناصب في المؤسسات والدوائر الحكومية أو يستثمرون نفوذهم للحصول على مكاسب خاصة فيها. وبإمكانهم أيضاً أن يخوضوا حروباً وغزو مناطق وعشائر أخرى بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة. إنه أمر معاش في العراق وليس تجنياً. وبالتالي فأن قوانين العشيرة غالباً ما تسري بل وتفوق قوتها في بعض الأحيان على قانون الدولة وإلا  فما معنى أن تقام مجالس الفصل وسواها والدولة بالحكومة والبرلمان والمحاكم التي فيها حية ترزق ؟!

 

لم تذكر أن الحاجة غنية كانت تلف الدولمة مع ذلك كل القراء علموا ذلك، من أين جائتك فكرة المقطع الذي بدى مختلفاً بحرفية صورته كمشهد سينمائي؟

- كل ما فعلته هو أنني استحضرت طفولتي ومشاهداتي للنساء وهن يتجاذبن اطراف الحديث بينما أيديهن مشغولة بنحو آلي في تقوير الطماطم والباذنجان والقرع واستخراج أحشائها بخفة مدربة.  

وكنت أتابع مبهوراً حركات جدتي الاستعراضية وهي تحشو أمعاء الخروف بخليط الرز واللحم لينتج عنه شريط الـ (بمبار) السحري. كانت الوحيدة التي بوسعها وقف مشاكساتي بزجرة صغيرة، لأنني لم اتخلص أبداً من فكرة أن بوسعها وفي أي لحظة من اللحظات أن تفعل معي ما فعلته برأس الخروف المسكين. كان أمراً شنيعاً جداً في طفولتي، لكنه موجعٌ في غربتي وأنا شيخ، لأنني لا أستطيع الحصول على قضمة من تلك (الباجة) التي كانت تعدها. يا إلهي، حتى بعد كل هذه السنوات، رائحتها ما تزال في أنفي.

 

أجدك تسهب في ذكر التفصيلات الكثيرة، "أحبها طبعا"، لكن ما السر وراء ذلك؟

هي في الحقيقة صور متلاحقة، تتراكم فوق بعضها لتشكل في النهاية مشهداً عاما. لا أحب الاستغراق في وصف الأشياء، فهو بالنسبة لي أمر يبعث على الملل. وأنا قارئ قبل أن أكون كاتباً. المتلقي لا يريد مني على سبيل المثال وصفاً وتعريفات لما يتواجد داخل سيارة ولن آتي بشيء جديد لو فعلت شيئاً كهذا ولاسيما إن لم يكن له أهمية في الرواية. وفقاً لهذا، يمكننا حذف فصول كاملة من أعمال روائية كثيرة، دون أن يكون لذلك تأثيرٌ واضح. وطبعاً هذا شيء كان ينبغي على الروائي القيام به قبل أن يحول أوراقه إلى كتاب.

 

على غير ما عهدناك عليه استخدمت في بناء روايتك "ديسفيرال" طريقة الفلاش باك للسرد، صف لنا هذه التجربة؟

- موضوعة الرواية اقتضت ذلك. فهنالك ثلاثة مسارات أو زوايا في سرد العمل (الأبن - جابر، الأم- زاهدة) ضمير المتكلم. و ( الأب- سليم ) راوي عليم. فكان لابد من التنويع أولاً للمحافظة على خصوصية كل واحد منهم وثانياً لتغطية جوانب القصة بالكامل. وأخيراً لإقناع القارئ بالوصول إلى آخر صفحة دون اشعاره بالملل.

في روايتيك الأخيرتين "شظايا فيروز" و "ديسفيرال" نراك تأخذنا إلى أجواء القرية، هل هي مصادفة أو هنالك قصد؟

- ما هو الفرق بين القرية والمدينة؟ هذا سؤال ينبغي ان نطرحه على أنفسنا، ثم نقارن مدينة موغلة بالقدم كالموصل بأية قرية مجاورة، فماذا سنجد؟. قطعاً، ليس هنالك فرق كبير. فالموصل  تفتقر إلى دار عرض مسرحي وسينمائي وفني أو قاعة تصلح كمعرض للكتاب. ليس فيها متنزهات أو محطة قطار ولا فندق.... ، تجول في شوارعها قطعان الماشية وينتشر جيش الكلاب السائبة ممسكاً الأرض ليلاً. وهذا حال معظم المدن العراقية حالياً.

والقرية كان لها دور كبير في الأحداث التي وقعت في الموصل، إذ كانت بعضها ممرات آمنة وحواضن للفصائل المسلحة التي كانت تقوم بعملياتها الإرهابية في المدينة وفي ذات الوقت كانت هنالك قرى أخرى تشكل هدفاً مستمرً لهذه الفصائل.  وأرجو أن لا يساء فهم ما أقوله، فأنا لا أنتقص من القرية أو سكانها، لأننا جميعاً ننحدر من هناك، بطريقة او بأخرى. والحديث هنا عن مدنية مفقودة في مدينة عرفت على مدى التأريخ بمدنيتها.

أراك تميل إلى المأساة والسوداوية في كتاباتك فحكاية جابر وأمه زاهدة خير دليل، لماذا؟

لو تمعنت في ديسفيرال قليلاً، ستجد بان شيخا العشيرة المتصارعين على السلطة يرمزان للطائفتين الدينيتين اللتين تخوضان صراعا مريراً في العراق منذ 2003 ولغاية الساعة. وحين فرض الاحتلال، نظاماً سياسياً اشترك فيه الخصمان، نتج عن ذلك حكومات متعاقبة تعاني من ذات المرض. وهذا ما نجده في زواج سليم بابنة عمه زاهدة، فقد انجبا طفلاً مريضاً سيظل بحاجة ولما تبقى من عمره، إلى دماء الآخرين وأبر الدواء لكي يعيش. والأمل الوحيد في شفائه نهائيا، هو بإجراء عملية شبه مستحيلة وتكلفتها باهظة جداً، على أن تجرى في الخارج. والقصد واضح جدا هنا، فلا أمل بتغيير واقع الحال في العراق إلا بثورة عارمة وإلا فسنظل عرضة للتدخلات الخارجية ونعيش على دماء اجنبية تسير في جسد بلادنا.

هل هنالك حقاً أناس لا تؤمن بالطب وتذهب إلى الرقية والتداوي بالأعشاب، أم جائت للغرض الدرامي للرواية؟

- لدي إطلاع جيد بها الخصوص. وذلك بحكم عملي الصحفي. فقد سبق وأن أجريت تحقيقات عن العرافين في نينوى. وللأسف فهم منتشرون وعملهم يشهد روجاً. وهذا أيضاً مرده ضعف سلطة الدولة وتفشي الجهل في االمجتمع. والمفارقة أن أعداد المشعوذين في نينوى التي يقترب عدد سكانها من أربعة ملايين، بالعشرات. في حين أن هنالك فقط إثنا عشر طبيباً نفسياً أربعة منهم فقط متخصصون ولايزور عياداتهم سوى الغبار!

روايتك هي أرشفة حياتية مريرة يمر بها أناس كثر، لكنك أضفت لها بعض الخيال كعبقرية جابر وأنه يعيش شخصيات متبرعيه بالدم ويحسهم، لماذا؟

- لأنه الأدب. فلا بد من التحليق بجناحي الخيال. لكن بالنسبة لمرضى الثلاسيميا، فلن اكون مبالغاً لو قلت بان ما يعيشونه يفوق الخيال. فما الواقع في حياة لايستطيع الطفل فيها ركوب دراجة أو ركل كرة أو تسلق حائط خوفاً من ان تتهشم عظامه البسكويتية . أليس خيالاً أن يعرف المرء بأنه لن يعمر طويلاً ويقضي وقته كله مترقباً الموت!

كيف لمعلم مادة التربية الإسلامية أن يضرب بجابر مثالاً على غضب الله بمن لا يلتزم بتعاليمه السماوية؟ بإعتقادك هل مايزال هنالك أحد يتنمر على أحد متعكزاً بالدين كأداة؟

- الدين بداية، الدين نهاية. ورجال الدين يحشرون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة في مجتمعنا. وهم يدعون العلم بكل شيء مع أن غالبيتهم لا يملكون إلا شهادات ميلادهم، ومعرفتهم لاتتجاوز الترديد الببغاوي لما يرد في كتب صارت مقدسة أكثر من القرآن واجب التقديس. وهذا سبب رئيسي للخراب الحاصل في العراق ككل. وحين أقول رجال الدين، فأعني بهم الذي يرتدون ثوب الدين لتحقيق غايات ومآرب شتى.

تهميش مادة التربية الرياضية لفتة لطيفة لتبيان أهمية الرياضة في بناء شباب المستقبل، حدثنا عن هذه الجزئية؟

- مدرس الرياضة في مدارس العراق الابتدائية، غالباً ما يصبح معاوناً للمدير ويتولى اموراً ادارية، لأنه لا يجد ما يفعله في الدرس المخصص له، وأقصى شيء يمكن القيام به أن يلقي كرة ولا يهم ما نوعها وسط مجموعة من التلاميذ في الساحة( إن و جدت) ثم يذهب للقيام بأمر أخر لحين يقرع جرس نهاية الدرس. هذا إذا لم يكن مدرسون آخرون قد استولوا على درسه،  بدفع من الإدارة المتقاعسة التي لا تقيم وزناً للرياضة.

وليد صديق جابر الحقيقي كما تصفه، جاء بتمرده كونه ابن العاصمة؟ أم هنالك سبب أخر؟

وليد يمثل آلافاً من الشبان العراقيين الذين قتلوا بأيدي المسلحين وفي وضح النهار دون ذنب أو سبب. وهو يمثل مئات الالاف من الذين نزحوا داخل العراق طلباً لأمن حلمي تعجز الدولة عن توفيره. لكن حتى وهو ميت، تكون لروحه تأثيرها على جابر، فيخفف عنه وحدته ويقدم له النصح في شؤونه القلبية. ألا يفعل هذا الآن شهداء المظاهرات الشبان في العراق؟ أليسوا حاضرين بين الناس على الرغم من أنهم ميتون عملياً؟

في ديسفيرال وشظايا فيروز وسقوط سرداب وحتى قادمون ياعتيق تصر على سرد اليوميات الحياتية لمدينة الموصل؟ لماذا الموصل بالذات ولماذا لاتغادرك المدينة التي تركتها قسراً وأنت تعيش غربتك في النرويج؟

- لأننا نكتب عن الأشياء التي نعرفها بالمقام الأول. والموصل مدينة عشت فيها لأكثر من أربعين سنة وأعرفها شارعاً شارع ولي فيها ذكريات لا حصر لها مع رفاق العمر الذين فشلت سنوات الغربة السبع أن تمنحني حتى شبيهاً لواحدٍ منهم. ما أشعر به، أنني عشت العمر كله هناك. وحياتي في النرويج إنما هو وقت إضافي فقدت أيامه قيمتها. جسمي هنا، لكن روحي هناك. هكذا هو واقع الحال. بعض المدن تسكن الإنسان ورغماً عنه سيأخذها معه أينما ارتحل.

بين اعتراف سليم بانه من قتل عمه، وخيبة امل جابر بالحصول على حياة جديدة اثارت نهاية روايتك على نحو محزن، لماذا؟

- العديد من المصابين الذين قرأوا الرواية، حملوا السؤال ذاته " لماذا لم تجعل النهاية سعيدة بان يجري جابر العملية ويعود سوياً ". وكانت إجابتي أنني كتبت الرواية للآخرين" للأصحاء، لكي يحسوا بما تعانون منه ويتحركوا لبناء مستشفى متخصص لكم، مختبرات معتمدة لفحص الدم، مصارف توفر لكم اكياس الدماء بدلاً من ان تجوبوا الجوامع والمدارس بحثً عن متطوعين. ويوفروا لكم دواءاً حقيقياً وليس مغشوشاً كالذي قدمته وزارة الصحة العام المنصرم. أن يكون هنالك سجل للمتبرعين بنخاع العظم وأن تجرى العمليات هنا. وقبل كل شيء، ربما تشكل الرواية دافعا للناس لكي يجروا فحص ما قبل الزواج ويكتشفوا المرض قبل ان ينجبوا اطفالاً يعانون من مرضكم طوال حياتهم".  ديسفيرال رسالة، ووثيقة تظهر معاناة شريحة غير مرئية بالنسبة للأصحاء لأنهم يعيشون في الظل ولا يشعر بوجعهم سوى القريبون منهم.    


الكاتب: حاوره: ضيف يزن/أسطنبول
  صدى بريس الاخبار  
     
اتصل بنا السياسية  
حول صدى بريس الامنية  
اعلن معنا الاقتصادية  
تطبيق صدى بريس الرياضية  
شاركنا برأيك العلوم والتكنلوجيا  
وظائف شاغرة الثفافية  
  الصحة والمجتمع  
  الاخرى  
     
Powered by Professional For Web Services - بدعم من بروفشنال لخدمات المواقع